الكاتبة كاملة الصيداوي تعيد نشر رواياتها ” عندما أزهرت بندقية ” “وسبع فاطمات لعلي “

تعيد الكاتبة كاملة محمود الصيداوي نشر رواياتها ” عندما أزهرت بندقية ” “وسبع فاطمات لعلي ” وقد تعاونت مع دار ” ابن رشد ” للطباعة والنشر .
يجمع النقاد على أن الصيداوي دم جديد للرواية الفلسطينية.
كاملة الصيداوي مشروع لروائية اختارت نمطًا مختلفًا تمامًا عما عهدناه من الروائيات العربيات عمومًا والفلسطينيات خصوصًا في روايتها الأولى “عندما أزهرت بندقية” وهي نفسها أحد شخصيات الرواية وهي جرأة لم نعتدها من الكاتبات الفلسطينيات ، تتفاجئ بامرأة مختلفه تفند الحرب كما الحب تنزع الطوباوية عن التاريخ لها رؤية سياسية مختلفة وجريئة في روايتها ترصد لنا التغيير الحاصل للمجتمع الفلسطيني داخل الخط الأخضر منذ حرب الخليج حتى أحداث ما يسمى بالربيع العربي وانعكاساته على الشارع الفلسطيني وقبلها الإنفتاح الذي حصل وظلاله بين المجتمعات العربية والمجتمع داخل الخط الأخضر وتبعاته الثقافية والسياسية والأجتماعية كل هذا ترصده باسلوب سلس من خلال سردها لحكايتها وعائلتها وتجربتها كطالبة جامعية ثم امرأة متزوجة وأم ..

كاملة استطاعت من خلال روايتها التي تدور احداثها عبر ازمنة مختلفة وتمتد منذ ثورة عام ١٩٣٦ حتى عام ٢٠٠ أن تحكي لنا عن الشارع الفلسطيني في الداخل لطالما كان الجزء الناقص من الحكاية في الخارج فهي استطاعت أن تعوض ذلك النقص من خلال سرد حكايتها الذاتية وتبعاتها من ظروف وأماكن وشخصيات فشئنا أم أبينا العمل الأدبي لا يذهب بعيدًا عن كاتبه .
الرواية تختلف عما سبقها حيث أنه ولأول مرة تشعر كقارئ أن الرواية تخطت حدود السمات والخطوط العريضة لتجذبك وتأسرك لترحل بين أسطرها فتقرأ عن فلسطين بشكل مختلف فالحكايا في هذه الرواية ممتعة ومتشعبة لكنها لا تجعلك ترتبك في ترتيبها بل على العكس تسلم نفسك للسطر فالرحلة معها ممتعة ومشوقة منذ البداية حتى النهاية ..
أكثر ما شدني في هذا العمل عفوية الكاتبة فأنت منذ السطر الأول تشعر بأنك تعرفها منذ سنوات وان ما تحكيه عشته أنت أيضا ولكن في توقيت مختلف ومكان ، هي من نوع الكاتبات تزكي العمل وتعطيه الأولوية ..
“عندما ازهرت بندقية” عمل أدبي يأخذنا لفترة تاريخية سياسية مهمة شكلت منعطفا مهما لنا الشعب الفلسطيني ألا وهي انتفاضة عام ألفين والتي ترى الكاتبة أنها مفصلية ولا تقل أهمية عن يوم الأرض ،
تحاول كاملة أن تأخذ القارئ لتلك المساحة ليفهم مدى بشاعة الانقسام الحاصل في البيت الفلسطيني الواحد ولكنها أيضا لا تنسى انعكاسات الحروب في الدول المجاورة على الشارع الفلسطيني هي تحاول جاهدة ان تقرب وجهات النظر رغم كل الدمار الحاصل ..
هذه المرأة احدثت انقلاب في روايتها فهي تشرك القارئ بأدق التفاصيل والأحداث حدثت معها منذ بداية الرواية حتى نهايتها ، مع كاملة تصبح الأماكن والأزمنة شيئًا مختلفًا تماما .
أما عن روايتها الثانية ” سبع فاطمات لعلي” تمكّنت كاملة الصيداوي من أنتاج سرديّة narrative متخيّلة مطعّم بسياقات اجتماعيّة وأخرى تاريخيّة واقعيّة ترتكزُ أساسًا على سرديّة النّكبة والتّغريبة الفلسطينيّة، كحدثٍ تاريخيّ مفصليّ لا يمكن تجاوزه، كتبت الناقدة الفلسطينية “علياء رحال “عنها “في هذه الرّواية جامعيّون أكاديميّون مأخوذون ومنخرطون في الهمّ المجتمعيّ والسّياسيّ؛ إلّا أنّ فراغاتٍ أو فسحات ناتجة عن حتميّة حركة التّاريخ تفرّق شملهم حينًا ليجتمعوا معًا في الزّمان والمكان ذاته، فالزّمان والمكان في تلازُمها قد يلعبان هنا دور البطل، ومن هُنا يمكن أن تُصنّفَ الرّواية هذه أدبيًّا بأنّها رواية ما بعد الحداثة”.
أما عن روايتها الثالثة ” حروب وأحمر شفاه” فقد كتبت الروائية ” هيلانة الشيخ ” (لا تنتهي ولا تفنى ،مدينة تشبه أنثى جميلة تستيقظ باكرا ،تخط شوارعها كالكحل في العيون، وتفرد شوادرها الخضراء في أسواقها القديمة لتزيح ليلا مظلما وتقايض الزمن نهارا جديدا!
تتعانق فيها الجوامع والكنائس لتصلي صلاة صبح آياتها ورثوها عن بناتها الأوائل أجدادهم الكنعانيين.)
في رواية “حروب وأحمر شفاه” للكاتبة كاملة الصيداوي ترى الروائية هيلانة الشيخ أن الرواية تكفيك لأن تقرأ (يافا) عبر لغة تغازل فيها الكاتبة مدينة السحر والجمال.
فعندما تفتتح لنا الكاتبة كاملة الصيداوي روايتها بلغةٍ شعرية عذبة لإغراقنا في عمق المدينة وتفاصيلها، فلا بد أن نُبحر وفي كل قصةٍ وموجة محملة بالحكايات الخامرة التي تشبه حكايا جداتنا وتراثنا. تخوض الكاتبة الصيداوي تجربتها الروائية بغدق وغزارة الحكايا.
كاملة الصيداوي فلسطينية من عرب الثمانية والأربعين، تحت وطأة ورعونة الحصار، نسجت لنا قصصًا من قصصٍ إلى قصص استخلصت من غياهب الوجع فرحًا، برهنت لنا أن أقلامًا توارثت الظلم بكل مافيه من قسوة وجبروت، فسردت لنا قصة زهزهان وسلمى ووداد وصافي وثريا ورشدي والكثير الكثير من الجزالة بين واقعية الحدث المؤلم، وخيالية الأمل المُبهج، بتدرّج سلس ومترابط، دون تكلّف.