اقترح إقامة لجان شعبية -الدكتور صالح نجيدات

* الدكتور منصور عباس رئيس لجنة مكافحة العنف في المجتمع
اقترح إقامة لجان شعبية في بلداتنا لعلاج العنف والجرائم والمشاكل الاجتماعية وهذا مرهون بإصلاحات اجتماعيه جذريه


بقلم : الدكتور صالح نجيدات
نبارك لك انتخابك في الكنيست لرئاسة لجنة مكافحة العنف في المجتمع , وارجو لك التوفيق والنجاح , وها نحن نضع بين يديك اقتراح اقامة لجان شعبية في بلداتنا من اجل تقليص والحد من انتشار العنف والجريمة وتساهم في حل المشاكل الاجتماعية , نحن ندرك اننا امام واقع صعب , ولكن علينا أن نؤمن بالهدف الذي نضعه لأنفسنا , ولكي تنجح هذه اللجان بمهامها باعتقادي يجب علاج ثمانية مواضيع هامه جدا , وإذا لم يتم علاج هذه المواضيع والاهتمام بها سنبقى في دوامة العنف والجريمة , وسوف تتفاقم الاوضاع وتسير من سيء الى اسوأ ونفشل في مكافحة العنف , فاللجان لن تكون العصا السحريه في حل المشاكل الاجتماعية المتراكمة والمزمنة اذا لم نعالج هذه المواضيع التي سوف اتطرق اليها لاحقا , فأوضاع مجتمعنا العربي في هذه البلاد ليست خافيه عليكم , وهي ليست بالهينة بل صعبه جدا , الانفتاح نحو العولمة , والثورة التكنولوجيه واستغلالها بشكل سلبي , وضعف سلطه الاب , وإهمال تربيه الاولاد , والتفكك الاسري , وتقييد صلاحيات المعلم وزعزعة مكانته , وضعف هيبة القانون , وغض الطرف للشرطة وللسلطات الرسميه عما يجري في وسطنا العربي , وتقليص الميزانيات هي من مسببات الجريمة . فالإنسان الشرير أو المجرم لا يولد شريرا أو يصبح هكذا من فراغ , فإهمال تربيته في صغره وعدم الاهتمام به ورعايته وإرشاده وعدم تربيته روحانيا , والاهتمام ببلورة شخصيته من قبل أهله أو مؤسسات المجتمع كالمدرسة وغيرها من مؤسسات , هي التي تجعل منه انسانا شريرا ومجرما , وفي نهاية الامر نحن كأهل ومجتمع نتيجة اهمال تربية أولادنا , نحن من يصنع منهم شريرين أو مجرمين .

العنف منتشر في كل مكان بتفاوت بين قرية وقريه ومدينة وأخرى , وهذا العنف يؤدي اسبوعيا الى القتل وسقوط ضحايا , وبودي ان استعرض امامك المواضع التي يجب علاجها حتى تنجح هذه اللجان مستقبلا من أجل ألهدف الذي اقيمت من اجله , وهذه المواضيع هي :

اولا : علاج موضوع المخدرات , فالمخدرات منتشرة بشكل كبير بين شبابنا وطلاب الجامعات وطلاب المدارس الثانوية , وحتى عند بعض الفتيات , بعض الشباب تعاطى حبوب الهلوسة اكستازي فيعانون اليوم من اضطراب عقلي جعل من المستحيل علاجهم وجعل أبناء عائلاتهم يعيشون في جحيم , وهناك نسبه لا يستهان بها من طلاب الثانويان يستعملون المرحوانا والحشيش , هذه الظاهرة بازدياد مستمر بين الشباب على مختلف أجيالهم وثقافاتهم , وزاد الطين بله سماح الشرطه لكل فرد ان يكون بحوزته لغاية 15 غرام من المرحوانا او الحشيش ,فخطر المخدرات شديد يعبث بعقول أبنائنا وبناتنا ويدمر مستقبلهم ويجعل حياتهم و حياة اسرهم جحيم ,ولذا يجب بذل كل الجهود من أجل علاج هذا الموضوع بإعطاء محاضرات لطلاب المدارس الاعدادية والثانوية وللشباب للوقاية من استعمال المخدرات ولتكون هذه المحاضرات الضوء الذي يضيء لهم الطريق المظلمة ويوعيهم من مخاطره الشديدة , ويجب تجنيد أفراد الأسرة وكل من يستطيع أن يؤثر بالعمل الوقائي لزيادة الوعي بعدم استعمال المخدرات والمسكرات العقلية الاخرى كأقراص الهلوسة والكحول , وتشجيع المشاركة التطوعية لأفراد المجتمع ومؤسساته في مجال مكافحة هذا الوباء الخطير ,محاربة هذا الوباء والوقاية منه مسؤولية الجميع وبالذات السلطات المحليه بواسطة مكاتب الخدمات الاجتماعية ودوائر الشبيبة في كل سلطه . والمجتمع ينتظر من مؤسساته من خلال مسؤوليتها الاجتماعية أن تشارك ببرامج اجتماعية تخدم التوعية المستدامة وعدم الاكتفاء بتقديم برامج ذات صفة وقتية , فخطر المخدرات يهدد جميع شبابنا وعلى الجميع الصحوة والحذر .

ثانيا :موضوع الخلل الكبير في تربية اولادنا , فنحن كمجتمع تعثرنا وفشلنا في نقل موروثنا الحضاري من عادات وتقاليد وقيم لأولادنا , وهناك تقصير وإهمال عند الكثير من الاهالي في تربية الابناء , بل أن الكثير من الاسر تنصلت من مسؤولياتها التربويه , فحصل فراغ تربوي ان صح التعبير ,ملأته محطات التلفاز الهابطه ومواقع الانترنت وغيرها من وسائل الاتصال التي تبث سمومها لتدمير اجيالنا , فعلى سبيل المثال نشرت منظمة ويكلس ان مئات من رجال المخابرات الغربيه يعملون ليل نهار من اجل نشر الرذيلة ومعلومات وفتاوى غير صحيحة للشباب العربي من خلال هذه الوسائل من اجل تدمير اخلاق الشباب وخلق عدم الثقة بين الشاب العربي ودينه وموروثه الاجتماعي .فأصبحت محطات التلفاز ومواقع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعية بغياب دور الاهل هي التي تربي اولادنا .

وبسبب هذا الإهمال التربوي عندما يكبر الطفل تكبر معه مشاكله ، وكما قيل: “من حسنت بدايته حسنت …نهايته ” فالتخلف والجريمة في مجتمعنا لا تحدث من فراغ بل نتيجة الاهمال .
وبما انه هنالك اهمال وخلل في تربيه الاولاد لعائلات كثيرة , والذي ينتج عنه مشاكل اجتماعيه كثيرة وجرائم تهز اساس المجتمع , يجب على كل سلطه محليه بواسطة أذرعها الاجتماعية والتربوية المتمثله في مكاتب الخدمات الاجتماعية والمدارس ورجال التربيه ،أن تأخذ على عاتقها قدر الامكان مهام التربيه للوالدين محدودي المعرفه والثقافة , وحماية الطفل وتنشئته وتنميته ، وعمل برامج خاصة للأطفال ، ومراقبة أداء الحضانات وتطوير مناهجها التعليمية والتربوية ، حتى نضمن بناء شخصيات أطفالنا بشكل سليم وبعيدا عن الاجواء السلبيه التي تسبب الانحراف , لعلى وعسى , هذا الشيء يساهم في تغيير المجتمع نحو الافضل ويقلص قدر الامكان حدوث الجرائم .

ثالثا :موضوع تحسين وضع المدارس وتقويه ودعم مكانة المعلم لما لهما من دور مهم وتأثير كبير في تعيين الاتجاه للأبناء وصياغة شخصياتهم وتصرفاتهم من خلال غرس القيم والمفاهيم الاجتماعية والدينية الصالحة للأبناء وتقوية انتمائهم ، وتهيئتهم للمجتمع ليكونوا ابناءً صالحين ، فللمعلم الدور العظيم الذي يقوم به في تنمية الفكر والمعرفة , وبناء الاجيال وصنع القادة الذين يخدمون الفرد والمجتمع ، والمجتمعات التي اهتمت وتهتم بالمعلم والتعليم هي في مصاف المجتمعات المتقدمه في كل نواحي الحياة , لان المعلم هو الرافعه والأساس في رقي الشعوب , والعمود الفقري في بناء المجتمعات .

وكذلك يجب ان يكون دور مهم للمسجد والكنيسة في الوعظ والإرشاد والتوعية وغرس القيم وتقويه الوازع الايماني ومنع التعصب والفكر الضال من اجل خلق مجتمع الفضيلة .

رابعا :موضوع تسرب الطلاب من مقاعد الدراسة , فهناك نسبه من الطلاب يتسرب من المدرسه في سن صغير دون الاهتمام بهم , فكثير من ضباط الدوام لا يقومون بواجبهم كما يجب , وقانون التعليم الالزامي غير مطبق بمعظم مدارسنا , وهناك من المدراء من يريد التخلص من الطلاب الضعفاء فيشجعونهم على التسرب , فالطالب المتسرب في حالات كثيرة لا يجد اطار تربوي ولا عمل نتيجة صغر سنه , ولا يجد من يرشده ويوجهه , فيتسكع في الشوارع , ويدخن السجائر والارجيله ويصاحب رفاق السوء وينحرف ويتعلم كل انماط الانحراف , وعندها الطريق قصيرة ليصل الى استعمال المخدرات وارتكاب الجرائم عند الكبر , وأثبتت ابحاث علم الجريمة ان من هذه الفئة يخرج اخطر المجرمين , وأن بعض الدراسات حول انحراف الأحداث او حتى من الذين احترفوا السرقات والجرائم الأخرى ووصلوا إلى سن متقدمة ، تؤكد بأن بداية الانحراف كانت نتيجة ابتعادهم عن مقاعد الدراسة وانخراطهم بسوق العمل وهم في سن الطفولة.

أتأمل أن يحتل موضوع التسرب من المدارس الأولوية القصوى لدى المسئولين وأن تكون هناك برامج لتوعية وحماية الأطفال من التسرب من مقاعد الدراسة ،وكذلك برامج لرفع مستوى وعي الاهل حول الأضرار المترتبة على تسرب اولادهم من المدارس .

خامسا :موضوع علاج خرجي السجون , هذه الشريحة لا تلقى العناية والاهتمام والعلاج اللازم وهي مهمله ولا يمد لها يد العون والعمل على تأهيلهم وإرجاعهم الى حضن المجتمع , فتبقى هذه الشريحة في مستنقع الجريمة وناقمة على المجتمع , ومن هذه الشريحة يخرج تجار المخدرات وتجار الاسلحة غير المرخصة والقتلة. أقترح التنسيق مع دائرة السجون بإدخال رجال دين الى السجناء العرب في السجون لتأهيلهم وإصلاحهم , كما يسمحون بدخول رجال دين يهود الى السجناء اليهود لإصلاح مجرميهم بما يسمى חזרה בתשובה وذلك لتقوية النازع الديني بهم وتعليمهم القيم والمعايير الاجتماعية وتأهيلهم تعليميا داخل السجون قبل رجوعهم الى المجتمع , وهذا من شأنه تقليص دائرة العنف في داخل المجتمع .وطريقة اصلاح المجرمين على يد رجال الدين منشره جدا في امريكا والمانيا لأنهم وجدوا ان تأثير رجل الدين على المنحرف أقوى بكثير من تأثير العامل الاجتماعي أو الاخصائي النفسي .

سادسا :موضوع عدم الاهتمام من قبل مكاتب الخدمات الاجتماعية بالشكل الكافي بالعائلات المفككه أو محدودة الثقافة التي لا تمتلك القدره والمعرفة والأسلوب على تربية اولادهم , ولذا يجب الاهتمام وعلاج مشاكل هذه العائلات , ووضع اولادهم منذ الصغر في مدارس داخليه أو العناية والاهتمام بهم ورعايتهم حق رعاية لإبعادهم عن الانحراف والوقوع في الجريمة في المستقبل. فأبناء العائلات المفككه نتيجة اهمال علاجهم من قبل مكاتب الخدمات الاجتماعية , عند كبرهم يخرج منهم مدمن المخدرات وتاجر السلاح غير المرخص والقاتل والسارق.

سابعا : القوى العامله في الحقل الاجتماعي من عمال اجتماعيين في مكاتب الخدمات الاجتماعية ودوائر ارشاد الشبيبة عددهم غير كافي لعلاج المشاكل الاجتماعية المزمنة والانحرافات على انواعها ولذا يجب المطالبه بزيادة عدد العمال الاجتماعيين ثلاثة أضعاف ما هم عليه الان , فهناك يأس وإحباط عند العمال الاجتماعيين نتيجة تراكم الحالات الاجتماعية الصعبة وإيجاد الحلول لها , ولذا يجب زيادة طواقم العمال الاجتماعيين بشكل كبير حتى يستطيعوا علاج المشاكل الاجتماعية المتراكمة وبدون ذلك يبقى المجتمع يعيش في دوامة العنف والجريمة .

ثامنا : اقترح كما اقترحت في الماضي ,تطوير فكرة اقامة اللجان في المستقبل الى استحداث مكتب للإصلاح الاجتماعي في كل بلد على غرار مكاتب الشؤون الاجتماعية من اصحاب الاختصاص يضم محامين وعمال اجتماعيين وخريجي دورات ادارة الخلافات وحل المشاكل لكل سلطه محليه , وظيفته حل النزاعات والمشاكل في قرانا ومدننا قبل استفحالها ووقوعها , لان استحداث وظيفة مكتب للإصلاح من شأنه تقليص المشاكل والحد من المشاجرات والعنف المستشري في مجتمعنا والتي تكلفه ثمنا باهظا .

واخيرا وليس آخرا , اسمح لي أن اقول لك , لا نستطيع علاج الجريمة بالمؤتمرات الصحفيه , ولا في الاجتماعات العامه , وكلي أمل أن اقامة لجان اللجان الشعبية في بلداتنا هي خطوة ايجابيه على الطريق الصحيح ولكن غير كافيه اذا لم نقم بالإصلاحات التي ذكرتها وكذلك ان لم نصل مباشرة الى الشباب المنحرفين ونعالجهم , وإلا سنبقى كم يقول المثل : نسمع جعجعة ولا نرى طحينا .

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.