د. موسى حجيرات
دائما أرادوا الوحدة، تمنّوها في كلّ مناسبة، ذكرها منتخَبوهم في كلّ مقابلة. الوحدة هي الوحدة، والاتّحاد، والاشتراك، والمشاركة، وكلّ المرادفات، وغير المرادفات، ولكنّ الهدف وحدة سياسيّة، والسّياسة كذب، بل أكذب من خلق الله، بشهادة النّاس جميعا أو على الأقل[1].

وقد نعتها أحد العلماء العرب بأنّها أكثر من ذلك، فهي “ابنة كلب”[2].
وتنتفي عن الكاذب صفة الايمان بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سئل أيكون المؤمن بخيلا وجبانا؛ فأجاب، بنعم، أمّا أن يكون المؤمن كذّابا قال: “لا”[3].
ومع ذلك فالوحدة حلم الجميع، فقد حلم بها مؤسّس الحركة الإسلاميّة [4] ، بل هي حلم الكثيرين، وقد نعتها قاسم بكري بأنّها “الحلم الذي يريد تحقيقه الكبير والصغير في مجتمعنا”[5].
أليست الوحدة مطلوبة منذ زمن، ومرغوبة من قبل الجميع، فما الذي أخّرها سنوات طوال؟ ولماذا الآن؟ وماذا وحّدهم (اعضاء القائمة العربيّة المشتركة)؟
ولكن يُطرح سؤال: أليست الوحدة مطلوبة منذ زمن، ومرغوبة من قبل الجميع، فما الذي أخّرها سنوات طوال؟ ولماذا الآن؟ وماذا وحّدهم (اعضاء القائمة العربيّة المشتركة)؟
هل وحدهم مصيرهم المشترك أم ذاكرتهم التاريخيّة أم انتماؤهم الدّيني للأكبر، ديانتين عالميّتين، المسيحيّة والإسلام أم انتماؤهم القومي للأمّة العربيّة أم انتماؤهم الوطني للشّعب الفلسطيني؟
ماذا تعني الوحدة بالنّسبة لهم، للعرب القادة، للعرب الأفراد المحبطون من قيادتهم، للعرب الشّباب أصحاب الطّموح أم للسّاسة أصحاب المناصب وحماة المقاعد؟
أهي وحدة الأهداف، أهي وحدة الغايات؟
إذا كان ذلك فلكلّ حزب أو حركة أهداف كان يعتقد أنّها إيديولوجيّة، ولم يتنازل أحد عن أهدافه أبدا؛ فتعثّرت الوحدة، ولكن الآن مُهّدت السّبل أمام الوحدة فاقتُلعت الأهداف ومُسحت الغايات و”ذُللت العوائق”[6].
وما هي العوائق والمعضلات التي أشكلت على الوحدة فترة طويلة، هل هي أيديولوجيّات، مبادئ، أسس وقواعد سلوكيّة سياسيّة، آليّات العمل لنيل الحقوق ومحاربة العنصريّة، آليّات النهوض بأبناء الأقليّة العربيّة، ومحاربة الفقر والبطالة، وإقصاء النساء من سوق العمل ورفع المستوى الأكاديمي، واستيعاب الأكاديميّين في الجامعات والكليّات وغير ذلك من مصالح الأقليّة وأبنائها. بل توزيع المقاعد المتنازع عليها بين الأحزاب والحركات المركبة للقائمة العربيّة المشتركة[7].
حتّى وإن كانت اختلافات ايديولوجيّة عميقة، فقد “عملت الأحزاب العربية لعدة أسابيع لتجاوز الاختلافات الأيديولوجية العميقة بينها، وبناء قائمة عربية مشتركة”[8].
أهي وحدة الانتماء، إذا كانت الإجابة، نعم. نتساءل: هم (عرب الدّاخل الفلسطيني) ينتمون منذ أمد طويل، على الأقل ثلاثة وستين عاما، وللدقّة أكثر ستة وعشرين عاما[9].
أهي وحدة المصير المشترك، وهذا موجود منذ زمن أيضا، إذن، نتساءل: لماذا الآن؟
إن لم يجد السّؤال جوابا، نخمّن أن تكون نسبة الحسم التي رُفعت بقانون كنيستي[10]. ربّما! ليس إلا بل، بناء على ما ورد في موقع “تايمز أوف إزراييل”: “ستكون لها (للقائمة العربيّة المشتركة) فرص أفضل في تجاوز نسبة الحسم الانتخابية (3.25%) الجديدة، والتي تم تمريرها في قانون في العام الماضي”[11].
يقولون: “المهمّ، توحّدت الأحزاب العربيّة، والحركات، والقوى الوطنيّة والحزبيّة، والجهات المختلفة التي تمثّل كافّة قطاعات العرب في الدّاخل الفلسطيني، وولدت القائمة العربيّة المشتركة.
كيف تسمّى عربيّة، ومن مركباتها الجبهة الدّيمقراطيّة للسّلام والمساواة، والجبهة ليست حزبا عربيّا، بل “جسم سياسي، يهودي عربي، وتأسست بداية في مدينة الناصرة عام 1974”[12]، وتصنّف حزبا إسرائيليّا.
والآن، نتساءل: كيف تسمّى عربيّة، ومن مركباتها الجبهة الدّيمقراطيّة للسّلام والمساواة، والجبهة ليست حزبا عربيّا، بل “جسم سياسي، يهودي عربي، وتأسست بداية في مدينة الناصرة عام 1974”[12]، وتصنّف حزبا إسرائيليّا.
والجبهة ليست حزبا قوميّا أيضا، وهي القائمة الوحيدة في الكنيست الاسرائيلي التي تعرّف نفسها بأنّها “ليست قوميّة ولا دينيّة”. وكيف تكون القائمة المشتركة قوميّة وفيها من لا ينتمي للقوميّة العربيّة، فيها اليهودي واللا يهودي”.
نتساءل: وهل اختفت الحدود، وتماهت الخصائص، واختفت المميّزات، ربّما نعم ففي المعسكر الصهيوني (اتّحاد هرتصوغ وليبني) عرب ويهود أيضا، وفي “إسرائيل بيتنا” يهود وعرب. وكيف يتحالف أبناء قوميّتين متناحرتين متنازعتين.
إذن، ليست القائمة من القوميّة في شيء.
فهل هي حركات واحزاب دينيّة، بالطبع لا، لا حاجة للتساؤل، فالجبهة ترتكز إلى المبادئ الشّيوعيّة . بل،
أكثر من أنّها ليست حزبا دينيّا إنّما تدعو للعلمانيّة في برنامجها السّياسي الانتخابي، أيضا[13].
وحزب التّجمع، أيضا لا يعرّف نفسه بحزب ديني، وهكذا بقيت الحركة الإسلاميّة حركة دينيّة، ولكن بطابع
جديد حيث لو حذفت كلمة الإسلاميّة لصارت الحركة مع التجمع والتغيير سواء.
تساؤل آخر: هل البرامج السياسيّة مقبولة على كافّة مركبات القائمة؟
إذا كان الجواب نعم؛ فكيف يقبل أعضاء الحركة الإسلاميّة طرح الجبهة بالنّسبة للمساواة بين الجنسين[14]. فالعلاقة عندهم تكاملا وليست تساويا، ولكلّ جنس خصائصه ومميّزاته التي يفرضها الدّين، ويحدّدها، ويختلفون في ذلك عن كلّ المواثيق الدوليّة.
وعلى المستوى الدّعوي، فكيف يتّفق من يدعو لحقوق الإنسان الأساسيّة ومن يدعو لحقوق مثليّي الجنس، وكيف يتّفق دعاة الطّهارة والشّرف، ودعاة اللواط والسّحاق[15].
لقد طالب، سابقا، المرشّح الثّامن اليهودي في القائمة العربيّة المشتركة بعدم تمييز النشء في المدارس على أساس ميولهم المثليّة الجنسيّة، وطالب باستدخال وجود ظاهرتي اللواط والسّحاق في مؤسّسات التربية والتعليم[16].
ناهيك عن تصريحاته الأخيرة بعيد تثبيته في المقعد الثامن بشأن السّماح لشبكة ستيماتسكي بنشر إساءآت صحيفة شارلي إيبدو للرّسول محمّد صلى الله عليه وسلم بذريعة “حرية التعبير عن الرأي”.
والتساؤل الخجول المتبقي: هل تمثّل لجنة الوفاق كافّة التيّارات، والأحزاب، والقوى السّياسيّة؟ وهل، مثلا عدم دعوة الحزب الدّيمقراطي العربي[17]، أول حزب عربي في الكنيست، والذي أسّسه عبد الوهاب دراوشة عام 1988، يعتبر إقصاء لحزب شرعي، وله قوّة وتأثير على أصعدة عدّة في الدّاخل الفلسطيني؟ أم ماذا؟
وما شأن الحزب القومي الدّيمقراطي، أليس حزبا عربيّا حاول الدّخول للكنيست مرارا، أليس له أتباع وأنصار وناخبون؟ ألم يكن حليفا للحركة الإسلاميّة ضمن القائمة الموحّدة؟ ما شأن قائمة الأمل للتّغيير التي تحاول الدّخول إلى الكنيست وتمثّل قطاعا لا يستهان به؟
وما شأن منتدى السّلطات المحليّة البدويّة، ألا يزن في المفاوضات شيئا، الا يستحقّ الالتفات إليه؟
و”قائمة ناصرتي”، صحيح أنّها قائمة محليّة، ولكنّها في نزاع مع الجبهة، وعرف وزنها محليّا في النّاصرة، أليس هذا مؤشّرا على الجدارة بالالتفات إلى أتباعها؟
عذرا لجهات، وحركات، وقوى لم تذكر فما هذا إلا تساؤل، وإن أجاب المعني أخاك فقد أجابك.
أمّا التساؤل بعد الأخير، لماذا يقول البروفيسور أسعد غانم أنّ القائمة العربيّة المشتركة ستحلّ بعد دخولها
الكنيست بأسبوع واحد؟ ألم يُطل المدّة؟
مصادر المقال :
مقال واقعي ورائع جدا .
يجب نشره بكافاة الوسائل وبقوة ليعلم الجميع حقيقة القائمة المشتركة .