العولمة سيف ذو حدين

لطفي حجيرات 
لا بد ان نشير الى اننا في زمن العولمة وقد كثر الحديث عنها ونشير بالعولمة الى تنسيق جديد من العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والمعلوماتية بين مختلف البلدان وقد تجاوزت الحدود الجغرافية واختصار المسافات وتحدي مفاهيم السيادة .
وقد نتج من كل هذه التحولات المسببة والمرافقة للعولمة ان انتقلت شعوب اوروبا وامريكا بلغة الفكر الفلسفي من عصر الحداثة الى عصر ما بعد الحداثة وقد تحول العالم الى قرية صغيرة .
ابدأ مقالي في هذا السؤال ؟
هل العولمة قرية عالمية ام سرقة عالمية وما هي تأثيرات العولمة علي هوية المواطن العربي ؟
سأتحدث بداية عن تأثير العولمة على المستوى العام والمستوى المحلي , على المستوى العام لا زلنا نرى تناقضات في العلاقات بين الشعوب بل تعززت بعد ان تعمقت حدة الانقسام بين المجتمعات المختلفة وخصوصا العربية منها .
ان ما نراه من تحول الى ما سمي “اسرة ” و ” قرية صغيرة ” ليس سوى هيمنة خارجية ادت الى تعزيز العلاقات العرقية على حساب تماسك القوى الخارجية . أستطيع القول ان المجتمعات العربية لم تستطيع استخدام العولمة كمركب انتمائي يوحد المجتمع العربي والهوية العربية وذلك لان درجات الاستفادة اختلفت بأختلاف تركيبة المجتمع العربي من الجانب الثقافي والتربوي واصبحت منبرا فقط لأصحاب المصالح والمناصب والقادة السياسيين وهذا ما نراه كشعوب مستهلكة ثقافيا وفكريا والخ ..
نعم هنالك جوانب مظلمة لعدم الاستفادة من هذه الحداثة وخاصة على الصعيد المحلي :
• ان استخدام هذه الحداثة من قبل اصحاب المصالح والمناصب والقادة السياسيين يعكس بنتائجه السلبية على المجتمعات الضعيفة حيث انها فقدت خصوصيتها الثقافية واصبحت معرضة لمختلف التقلبات السياسية والثقافية والاقتصادية .
• الوجه المظلم الآخر هو تمركز الثروة في ايد قليلة فتتعمق الفجوات بين الاغنياء والفقراء خاصة البلدان الضعيفة حيث التهديد بطمس هوية الآخر .
• التهديد الثقافي في مجتمعنا المعاصر الذي نشأ على هذه الحداثة وبالتالي تمزقت تقاليدها العربية التي تؤكد على الاحتشام , كما انها تدمر من دون رحمة كل اشكال التلاحم داخل الجماعات وتمزقهم الى افراد تضنيهم الوحدة والكآبة .
• الوجه المظلم الاخر هو استغلال اصحاب المصالح الضيقة في المجتمع العربي لعرض الجانب الشخصي الفردي فقط مستغلين هذه الحداثة كمنبر شخصي يخدم حاجاتهم ومصالحهم .
من هنا استطيع القول ان العولمة تم استغلالها في مجتمعنا العربي فقط للمصالح الشخصية على حساب مواطنيها , فنشأت فجوات بين مختلف الهويات والطبقات وكثيرا ما ادت هذه الفجوات الى صراعات داخلية سببها الفرق الشاسع بين ما يعرضه اصحاب النفوذ وبين الواقع المرير الذي تعيشه بلداتنا . وبذلك تكون قد تكونت في كل بلد عربي طبقات واسر حاكمة ذات مصالح وامتيازات وارتباطات وطموحات وتطلعات خاصة . شئنا ام ابينا علينا ان نعترف ان القهر القومي والطبقي والفوارق التي تسود مجتمعنا له اسباب عدة ومنها استغلال هذه الحداثة للمصلحة الشخصية وجعل المواطن العربي اداة لهذا الاستغلال وذلك مع وجود آراء مسبقة عن ان مجتمعنا العربي مجتمع عاطفي يصدق كل ما يراه ويسمعه .

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.




%d