عاطف سمنية
سوف أتطرق للحديث عن ظاهرة غاية في الأهميّة، والتي يواجهها الكثير من اطفالنا في مختلف المواقف الاجتماعية والحياتية، تعود بالنتائج السلبية وغير المرضية على الطفل الخجول.
يعتبر الخجل سلوك تجنّبي يقوم به الطفل الخجول الذي يؤدّي إلى الحد من علاقاته مع الآخرين، ويحدث نتيجة التردّد والخوف وعدم الثقة والتقييم السلبي من قبل الاخرين، ينتج عنه عدم التكيّف السلوكي الاجتماعي، فيقوم الأطفالُ الخجولون بالانسحاب من الفعاليات المدرسية، وكذلك يتجنّبون المواقف الاجتماعيّة، حيث لا يقومون بالمبادرة أو التطوّع، بل يبقون على الأغلب صامتين أو يتحدّثون بصوت خافت ويتجنبون التقاء العيون، مع أنّهم غير خجولين في علاقاتهم داخل نظام الأسرة. ويتمّ وصفهم من قبل الآخرين بالأغبياء، ويُنظر إليهم نظرة رفض وعدم تقبّل.
من الأسباب التي تؤدّي إلى الخجل:
1) الحماية الزائدة من قبل الأهل للأطفال: حيث يقوم الوالدان بالحماية الزائدة لأطفالهم، يجعلهم ذلك أطفالًا اعتماديّين وغير فاعلين، وبسبب الفرص المحدودة للمغامرة عند أطفالهم، يصبحون هادئين وسلبيّين وخجولين. هذا الاتّجاه في التّنشئة يؤدّي غالبًا إلى الضّعف والخوف وعدم الثقة بقدراتهم وتقدير الذات عندهم متدنٍّ.
2) مشاعر عدم الأمان عند الطفل: فالأطفال الذين لا يشعرون بالطّمأنينة الكافية لكي يغامروا بتفاعلاتهم مع الآخرين، ويخيفهم النموّ والتعرّض للأذى والدخول في مغامرات اجتماعيّة، فيتجنّبون الآخرين بهدف الشعور بالأمن وتجنّب الإحراج.
3) النّقد: إنّ الأهل الذين يوجّهون النّقد المبالَغ به لأطفالهم، سوف يطوّر أطفالهم حالة من الخوف بسبب الاستجابات السلبيّة التي تلقّوها من الأهل، ويصبحون متردّدين وخجولين.
4) السّخرية: الأطفال الذين يتعرّضون للسّخرية من قبل الأباء والإخوة والأصدقاء بشكل متكرّر، يطوّرون ضعفًا، ويستجيبون بالانسحاب من مواجهة الآخرين.
5) التّهديد: يقوم الآباء بتهديد الأطفال بالعقاب، فيستجيب الأطفال للتّهديد بالخوف والضعف والانسحاب لتجنب تنفيذ هذه التهديدات.
ومن الطرق التي يمكن أن نستخدمها في الوقاية وعدم الوقوع في الخجل، تشجيع النّشاطات الاجتماعيّة وحثّ الطفل على المشاركة مع أقرانه من الأطفال، وتقوية الثّقة بالذّات عند الطفل، وتقبّل تصرّفاته الطبيعيّة من دون رفض واستحقار، وتطوير مهارات الأطفال ومساعدتهم للتّمكّن منها وإتقانها بشكل جيد، للشّعور بالكفاءة والمقدرة والأهميّة، مع تزويد الطفل بجوّ من التقبّل والدفء، ومن خلال هذه الطّرق الوقائيّة نستطيع تجنّب الخجل والسّير قدمًا مع أطفالنا نحو صحّة نفسيّة أفضل.
*أخصائي نفسي
Leave a Reply