لا تسبّوا ماكرون ! موسى حجيرات
وقفت معترضًا الحشود الغفيرة في مسيرات التّضامن، وفي الوقفات الاحتجاجيّة، وفي تجمّعات الغضب، وعرفت أنّي أسير عكس التّيّار، ولكنّي أدركت أنّي على الحقّ، فلم أكترث لصراخهم، وعويلهم، ولا لخطاباتهم، وكلامهم المنمّق المعسول الّذي يخاطب المشاعر قبل العقول، ويهدف إلى إبراز المتكلّم، وحزبه، أو حركته.
قلت لهم بهدوء لا يناسب ضوضاءهم: على رسلكم! لا تسبّوا ماكرون! فليس السّب من الدين، ولا اللّعن من الإسلام، ولا من هدي نبيّنا الّذي لم يكن باللّعان أبدًا. ولم يكن بالجاهل السّريع الغضب. فماذا فعل حين حاول كسرى إهانة رسوله، ومزّق كتاب نبيّه، صلى الله عليه وسلّم.
فنحن أمّة الحلم، والصّبر، والأناة، ونعرف أنّ ماكرون فرنسا هذا ما هو إلّا سياسيّ، نصرانيّ، عربيّ حاسد، وما علاجه إلّا الصّبر.
ألم يقل شيخنا الشّافعي: اصبر على مضض الحسود فإنّ صبرك قاتله، فالنّار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله. ثمّ أنّنا أمّة الذّكاء، والحكمة. ولا يغرّنا قول، نعرف هدفه بعد أن نقرأ سطوره، وما بينها. فهدفه كسب اليمين الفرنسي في الانتخابات القادمة، وهو بذلك يسير على غرار ترامب الأمريكي، فاليمين الغربي حاقد على الإسلام، وجلب أصواته يحصل بالهجمات الشّرسة على الإسلام.
فأين حكماء الأمّة؟؟ يقرّروا ألّا يعطوا لهم متعة الهجوم على الإسلام، وإغاظة أفراده، والضّغط النّفسي عليهم.
قد ينسى المسلمون في هذا العصر أنّ تعدادهم تعدّى المليار وثمانية ألف مسلم. وهم كمًّا عالم قائم بذاته، وهم الدّيانة السماوية الثّانية، ولهم تأثيرهم في المجالات المتعدّدة بالرّغم من بوادر ضعفهم أحيانًا، وبالرّغم من تفرّغهم أحيانًا أخرى. ووالله لو صرخ كلّ واحد منهم صوتًا لوصل ضجيج أصواتهم إلى أمكنة غير متوقّعة، ولأدخل الرّعب في نفوس أعدائهم، ولسلّم لهم المعادون، والمعارضون، وخضعوا لهم.
ووالله إنّ السّكوت والتّجاهل لماكرون فرنسا وللماكرون فيها كفيلًا بإذابتهم، وتماهيهم، وطيّهم قيد النّسيان.
أبناء الإسلام والعروبة، أعجب لعلمائنا، ومثقفينا، والدّارسين لأركان ديننا وتعليماته: هل غفلوا عن وعد ربّهم لرسوله، إنّ كفيناك المستهزئين”؟
وكذلك العارفين بهدي نبيّنا، ودارسي سيرته، صلى الله عليه وسلّم: هل غفلوا عن معاملة رسولنا لمعارضيه، والمستهزئين به، ألم يقل لأصحابه، حين جاء عكرمة بن أبي جهل: ها قد جاء عكرمة، لا تسبّوا أباه، وأبوه هو فرعون الأمّة.
وأعجب، أيضًا لسياسيّيهم، ماذا فعل بكم ماكرون فرنسا؟ أخرجكم إلى الشّوارع، والسّاحات، والباحات، وأخرج كباركم وصغاركم، ذكوركم وأناثيكم دفاعًا عن رسول الله. فماذا الذي تفعلون؟ تهدرون أموال أبنائكم، وتهدرون أوقاتكم وأوقات أتباعكم؟ سهل الرّسول بحاجة وقوفكم، ومسيراتكم، واحتجاجاتكم؟ هل الرّسوب بحاجة إلى لافتاتكم الممثّلة لأحزابكم ةليس لشرعكم؟ ولا نفي بالمطلوب دعويًّا، أبدًا؟
فماذا تقصدون بـ”إلا رسول الله”؟ يفهم من الجملة الّتي تأتي ردًّا على الإساءة للرّسول، صلى الله عليه وسلّم، والسّخرية منه، والاستهزاء به، بشخصيّته، برسومات كاريكاتوريّة، وصور متحرّكة، وجمل حاقدة. ويقال فيها “إلا رسول الله”، فهل الإساءة لله ربّ الخلق جميعًا مباحة؟ ثمّ ماذا مع إسلامنا شرعنا الحنيف؟ أمباح هو؟
وماذا مع أعراض نسائنا؟ وبناتنا؟ وماذا مع مقدّساتنا؟ وكتابنا؟ وسنّة نبيّنا أتدخل في عداد الإباحة أو أنّها خلف الخطوط الحمراء الّتي لا يسمح تحصيلها أبدًا، الّتي لو بذلت جهودنا، بل وأرواحنا، وفديناها بآبائنا وأمّهاتنا.
الرّسول بحاجة لاتّباعكم هديه، والسّلوك كما أرشدكم، ووالله يهابكم عدّوكم.
أقول: إنّ علاج هؤلاء هو التّجاهل، والتّغافل في المرحلة الأولى، ودعوتهم إلى الدّين في الثّانية إلى الإسلام بأخلاقنا، وسلوكيّاتنا، ومعاملاتنا لغيرنا تأكيدًا لسلوك نبيّنا عليه الصّلاة والسّلام.
عودوا إلى رشدكم، وطبّقوا شرع نبيّكم، وفاخروا الأمم بحلمكم، وصبركم على مبغضيكم، ودعوكم من المسيرات المجانيّة، والوقفات الّتي لا تسمن، ولا تغني من جزع.