مبشرات وبشريات | الشيخ محمد سواعد- ابن الحميرة

الشيخ محمد سواعد – زوفة
تأتي كلمة البشارة في اللغة العربية للدلالة على خير يحبه الانسان ويحبه المجتمع البشري بل يتمناه ويتوق اليه، { فبشرناه بغلام حليم} { وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين} { فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} {يا زكريا انا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا} {يا مريم ان الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم}، الى غير ذلك من الآيات الكريمة التي تبين لكل قارئ ان هذه البشريات جاءت لتمسح الألم وتداوي الجروح وتنشر رحمة على القلوب والأرواح، ولعل القارئ والمتمعن في الآيات الكريمة ومناسباتها يجد أنها جاءت في أيام عصيبة مر بها هؤلاء الأشخاص سواء كانوا انبياء او غيرهم.

ولعل أعظم البشريات وأكبرها هي تلك التي تأتي على الفرد والأمة في ظروف عصيبة يحار معها العقل والفكر حين تستحكم الأزمات وتشتد الكربات وعندها يوقن الجميع أن لا ملجأ من الله الا اليه، وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا، حتى يقول الرسول والمؤمنون متى نصر الله قل عسى ان يكون قريبا.

بشر الله تعالى إبراهيم عليه السلام بغلام حليم بعد ما اشتد تكذيب قوم لوط وأذاهم لنبيهم، وبشر الله تعالى زكريا بعدما بلغ من الكبر عتيا وبشر تعالى ام موسى بعودة ابنها اليها في أحسن حال وأرقى منزلة بعد ان يكون نبيا {إنا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين}، فعند ذلك تحملت فراقه وصبرت على غيابه {وأصبح فؤاد ام موسى فارغا ان كادت لتبدي به لولا ان ربطنا على قلبها}.

إن كل الآلام التي تمر بها البشرية عموما وأمتنا الإسلامية خصوصا ما هي إلا مقدمات وبشريات لفرج قريب بإذن الله تعالى، رغم كل الجراح والمآسي والأحزان، إلا ان المرء يشم من خلالها بصيص أمل وبشارة فرج قريب من عند الله تبارك وتعالى، وهذا دورنا نحن الدعاة والموجهين الذين نتحمل أمانة قيادة المجتمع وتوجيهه الى خيري الدنيا والآخرة ان نحسن دفة التوجيه ولفت الأنظار الى كل بشارة وإرهاصة أمل وما أكثرها في حياة الأمة بل في واقع البشرية.

جاءت جائحة الكورونا التي غيرت أسلوب التفكير البشري ولفتت الأنظار الى شيء جديد حاول العالم الانصراف عنه في غمرة المادة والتكنولوجيا ألا وهو الإنسان في روحه وجوهره وقيمه وأخلاقه وحاجاته النفسية والاجتماعية ولعل هذا ما يعطي الامة العربية والإسلامية بارقة الى التفكير ومحفزا إلى الإبداع حيث اننا نحن من نملك وبجدارة تلك القيم الروحية والنفسية والاجتماعية التي تملأ القلوب وتغذي الأرواح، فليست كل محنة إلا منحة لمن أحسن النظر وتدبر في عواقبها، فعلينا أن نحسن أدائنا في هذه الأيام ونبدع في طرح قيمنا الى الدنيا كلها لتنشر الضياء وتفتح أبواب الفرج وتخفف الآلام بإذن الله تعالى.

 

الشيخ محمد سواعد - الحميرة
الشيخ محمد سواعد – الحميرة

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.