الشيخ محمد ابراهيم سواعد
جاء مصطلح كورنليزم ليدل على عالمية المرض وسيطرته على اصقاع الأرض كلها، حيث أنه لم يسلم منه قطر من اقطار الأرض في مشارقها ومغاربها، وما ترك أحدا يعتب عليه، فقد طال مختلف فئات البشرية، وهنا لا بد من وقفة تأمل وتدبر مع هذا الوباء والبلاء ومآلاته وبات الناس جميعا في انتظار الدواء لهذا المرض بغض النظر عمن أتى به.
إن هذه الازمة جاءت لترفع من شأن القيم الإنسانية التي بنيت على كرامة الانسان واحترامه وتسخير كل ما في الكون من أجله ( وسخر لكم ما في الأرض جميعا منه)، واليوم نرى تداخلا كبيرا بين الشعوب الإنسانية في الهم والدعاء وانتظار الفرج بل انها راحت تتشارك في الدعاء لبعضها البعض لعل الله تعالى ان يرأف بهذا الانسان.
ويبرز اليوم على الساحة مصطلح التعددية الثقافية حيث اتاحت هذه الازمة للشعوب ان تتقارب في الهموم والغموم وان تتشارك الاحزان والافراح، وراح كل شعب يدرس ثقافات الاخرين ليجد حبلا للتواصل والتعاون معهم.
برز مصطلح التعددية الثقافية في كندا حيث يعيش فيها آلاف الجنسيات من مختلف انحاء العالم ويلتقون معا في جميع مؤسسات الدولة ومن هنا قامت الدولة وفي خطوة لجسر الثغرات الثقافية بين افرادها بتعليم مادة التعددية الثقافية منذ المدرسة الابتدائية ويتعلم الطلاب عادات وقيم بعضهم البعض ويتناقلون بينهم العادات والتقاليد في خطوة للتقارب والاندماج والانسجام وبناء مجتمع متماسك، وفعلا نجح هذا المشروع في بناء دولة عظيمة وهي من الدول العظمى المستقرة اقتصاديا وعلميا وحضاريا بل ان جامعاته من ارقى جامعات العالم.
اننا نحن العرب والمسلمين احوج ما نكون اليوم الى تذويت هذا المصطلح وتعليمه للأجيال الناشئة وتعويدهم على قبول من يختلف معهم سواء كان ذلك في العقيدة او في السلوكيات وغيرها مع محاولة الإصلاح والتوجيه بالمعروف، وذلك لأننا في كثير من الأحيان تعودنا أن ننظر الى الحياة والأشخاص من حولنا نظرة إما اسود او ابيض بل قل: إما عدو أو صديق، ورحنا نقيس الأشخاص والاشياء بهذه المعايير ونسينا باقي الألوان في تعاملنا مع الأشخاص ومع الأشياء.
عند دراستنا لثقافات الاخرين وأساليب تفكيرهم فإننا بذلك نعرف كيف نؤثر بهم ونوجههم الى ما نريد، ندرك تماما ما يحبون وما يكرهون، فبعض الشعوب تحب المديح والإحسان وبعضها يستهويها حديث الفن والأخر يحب الموسيقى وثالث او رابع تؤثر فيه المادة وغيرها وعند ذلك نستطيع ان نوجه أجهزة الاعلام والتوجيه الى شعوب الأرض بما تحبه وما يؤثر فيها.
من هنا كانت الكورونا لتعيد بناء منظومة العلاقات بين الافراد والدول وتعمل على ملء وتوجيه المشاعر الروحية لدى الشعوب وليس فقط دغدغة المشاعر او ملء البطون بما تشتهي.