يونيو 5, 2023

مساكين! أبناء العشائر البدوية في شمال البلاد|د محمد ابو سمرة

بقلم : د محمد ابو سمرة
مساكين أبناء العشائرالبدوية في شمال البلاد، كل يوم يظهر علينا ناطق جديد باسمنا، وكأننا قطيع يبحث عن راعيه؛ والرعيان كثر، منهم مع عصا ومنهم من هو دونها، ومنهم مع مزمار أو دونه. وأغربهم أولئك الذين لا مواشيَ لهم، ومع ذلك، وبصلافة وجه، يطالبون بحصتهم في المرعى السياسي، ويظهرون على الإعلام ويتحدثون باسم البدو، ويطالبون باسم البدو، ويهددون باسم البدو؛ ومإذا يطلبون؟ لا شيء، أو، منعًا للعنة المبالغة، يطالبون بشيءٍ واحد: تمثيل في القائمة المشتركة. والصُحُفيّ الأُمِّيُّ يطرح أسئلة بعمق سَطْحِيته: شو مطالبكم؟ وإذا ما لبُّوا مطالبكم، “ماذا أنتم فاعلون”؟ ويتعاون مع الراعي المتنكر، ويؤكد بسؤاله التافه على أن البدو قطيع من المصوتين، ينتظرون من يقودهم إلى صندوق الاقتراع.
لنقولها بصراحة: لا أحد يستطيع أن يتحدث باسم كائن وهميٍّ اسمه بدو الشمال، هذا الكائن غير موجود سوى في مخيلة بعض المتسلقين. أبناء العشائر البدوية في الشمال، كما في الجنوب، هم جزء عضوي من أبناء مجتمعنا الفلسطيني، وهم أصحاب توجهات مختلفة: منهم الجبهاوي، والتجمعي، ومنهم أبناء الحركة الإسلامية الجنوبية، ومنهم من يقاطع الانتخابات مع الشمالية، ومنهم اليساري واليميني، ومنهم (.. يلا بلاش هالمرة!)، وجُلَّهُم ملتزمون بقضايا الجماهير العربية، ويتوجعون لِجُرْحهم، ولنكبتهم الفلسطينية، ويبكون إذا ما رأوا غزة تُقْصف وتُدَمر، والمخيمات الفلسطينية تشرد وتشرد، وكأن التهجير والمطاردة لعنة (سيزيف)الأبدية، قد حَلَّتْ بأبناء فلسطين.
وكغيرهم، يصوت أبناء العشائر للقائمة المشتركة، ليس لشخوصها، ولا لتميزها، ولا لطيبها (مع قراءاتها المختلفة، شرط ألّا تشذ عن لغة العرب)، وإنما لكونها الإطار الحزبي الوحيد الذي يجمع جميع أطياف مجتمعنا الفلسطيني في الداخل، ويعمل لمصلحة جماهيرنا؛ وإخفاقاتها ليست بسبب تقاعسها وإهمالها، وإنما بسبب عنصرية المؤسسة الإسرائيلية، التي تتعامل معنا وفقًا لمعيار القومية والدين، بعيدًا عن المواطنة ومستحقاتها.
كما أثْبَتَت الانتخابات في العقدين الأخيرين، (ويمكن مراجعة نتائج التصويت العامة)، دَعْمَ أبناء العشائر للأحزاب العربية التي تعمل على تخفيف المعاناة الفسطينية، ولو عن جزء من الفلسطينيين، وخاصة أنَّ الفلسطيني والمعاناة تربطهما عِشْرة عُمْر، ورفقة دَرْب طويل؛ أينما حلَّ تَحِّلُ، وأينما مالَت يَمِيلُ، وفي جميع الأحوال تحت ركامها.
وعلى المتسلقين والباحثين عن الشهرة الإعلاميَّة الموسميَّة، أن يدركوا أن القائمة المشتركة ليست تجمع فئات اجتماعية أو طائفية؛ وإنما هي إطار سياسي انتخابي لثلاثة أحزاب أساسية: التجمع الوطني، والجبهة الديمقراطية، والحركة الإسلامية الجنوبية،(وعائلة الطيبي هي استثناء وظاهرة سياسية عابرة). وعلى أبناء العشائر البدوية في الشمال الراغبين في العمل السياسي، الانخراط في هذه الأحزاب الثلاثة. وهذا ينسحب على الجميع: على من يشعر بأنه مؤهل للإسهام في خدمة مصالح جماهيرنا العربية؛ وعلى من يعاني هوس مرَضي للمقاعد والمناصب السياسية، وغير السياسية.
وحبذا لو نسمع من أبناء العشائر المطالبين في التمثيل من خلال المشتركة، المطالبة أيضًا (ع الأقل، على عينك يا تاجر) بإلغاء فصل المدارس البدوية، وبرامج “الخدمة الوطنية”،وقلة أدبها، ولملمة بضاعة ما يسمى “منتدى المجالس المحلية البدوية”، مع حفظ الألقاب. وحبذا لو نسمع ذات الأصوات تسعى للمشاركة في الجمعيات الوطنية والمدنية المحلية، وتضم صوتها للمطالبة بحق عودة اللاجئين لوطنهم، وخاصة أن أكثر من 70% من أبناء العشائر تمَّ تهجيرهم في النكبة الفلسطينية، وما زالوا يعانون الأمرَّيْن في مخيمات اللجوء، والمُترحِّلة أبدًا.
وحبذا أيضًا (اليوم معلقة معنا حبذا هذه) لو أنَّ الصحفي الكريم يطرق سماعة الهاتف في وجه كل شخص يتحدث باسم بدو الشمال؛ وإن تَمَلَقهُ الأخير لإجراء مقابلة، يكون الجواب: حل عني، دوِّر على منبر آخر. وذات الأمر نرجوه إذا ما حدث وتوجه متنكر ما لأحد مكونات المشتركة؛ صدقوني لن تخسر المشتركة ولو صوتًا يتيمًا واحدًا من أبناء العشائر؛ لأن هؤلاء المتنكرين لا يمثلون أحدًا، وهم أصلاً لا يصوتون للمشتركة.

2 Comments on مساكين! أبناء العشائر البدوية في شمال البلاد|د محمد ابو سمرة

Comments are closed.

%d مدونون معجبون بهذه: